عصر الباروك والروكوكو

●عصر الباروك والركوكو 

ساد بعد عصر النهضة عصرا جديدا ، أصبح خلاله الفن أداة يسخرها الأقطاع وأثرياء الثورة الصناعية الجدد ، الذين كانوا طبقة لا يعرفها المجتمع من قبل بشكل عام.

هي طبقة محدثة الثراء ممن سبق لهم معاناة ومأساة الفقر والحرمان ، لذا كان لأصحاب تلك الطبقة مطالب خاصة تتمثل في رغبتهم العارمة في إظهار سمات ثرائهم و التفاخر بتلك السمات ، فأمتلأت الثياب علي سبيل المثال بالواشي والتطريز، وطعمت بالأحجار الكريمة وأستخدم الشعر المستعار المصفف ، كما أستخدم الزخارف المنسوجة بطريقة "الدانتيل" والقبعات المزينة بالعريش والحلي وأصناف الحرير والديباج ، والمحتمل بالإفراط لكل من الرجال والنساء القادرين علي دفع أجور الفنانين وشراء لوحاتهم ، فنقلت تلك المظاهر إلي لوحاتهم فإمتلأت بزخارف القصور ونمق ووشي الثياب ، وأتخذ الملوك والأثرياء فنانيهم بالتوظيف كفناني القصر أو بالرعاية والتباهي بذلك .

  أدي ذلك الوضع إلي أن أصبح الفنانون أجراء يتقاضون رواتب ثابتة ، للتعبير عن ميول ورغبات سادة العصر الجدد، ومن هنا أتت تسمية "الروكوكو" والتي أشتقت من روكاي التي تعني بالفرنسية النقوش ذات الشكل القوقعي،  وهذا علي أثر ما ساد لوحات العصر من أقواس زخرفية تشبة في شكلها العام القواقع ، اما "باروك" وهي تسمية لا تدل علي الرقي والتقدم كمناظرتها الإيطالية بمسماها النهضة ، فالكلمة مشتقة من باروكو التي تعني اللؤلؤة الخشنة الخام تعبيرا عن الذوق الشاذ المتطرف إلي غرابته .

● طراز الباروك 

أستمرت المحاولات والتجارب التي بدأت في عصر النهضة حتي القرن السابع عشر الميلادي،  والذي يمكن أن أطلق علية صفة التجريبية ، نظرا لتجلي روح التجريب علي جميع مجالات الحياة والعلوم.

فنجد أن فن الباروك دار في دائرة التقاليد التي بدأها عصر النهضة ، من مشابهه للواقع المرئى إلا أن طراز الباروك أتسم بقوة أكبر في التعبير وحرية الصياغة الفنية ، نجمت أحيانا إلي المبالغة في إظهار الأنفعالات العاطفية ، ومن هنا تخطي فن التصوير الباروكي الحدود التي فرضها عصر النهضة،  وتخلي عن قواعد التعبير المألوف المتمثلة في الحفاظ علي أستقامة الخطوط وهيبة المواضيع ، لذلك يرجح بعض المؤرخون أن كلمة باروك أصلها روماني ، ويقصد بها كل ما هو منافي للقواعد والنسق العام الذي أحتاط الناس علية ، والبعض الأخر يرجح أن مصدرها أسباني وتصف اللؤلؤ الغير منتظم الشكل ، اي أن الخروج عن المألوف وعدم الأنتظام هو سبب أطلاق ذلك الأسم علي فنون الفترة ما بين 1600م إلي 1750م ، كما يلاحظ أنه يجمع بين النزعة الدونية مع الأهتمام المتزايد بالفرد كنواة للمجتمع .

وتتطلب العبقرية التشكيلية في فرنسا خلال هذا القرن في فن التصوير علي الأخص ، وتمكن تلك العبقرية في توافر مجموعة من المصورين الفرنسيين المتميزين ومن أهمهم "نيكولابوسان 1594-1669" وكذلك من أبرز مصورين طراز الباروك في بلاد الشمال في الفلمنك "بول روبنز 1577-1640" وفي إقليم هولندا الفنان "رمبرانت" .

● طراز الروكوكو 

كلمة روكوكو مستحدثة من كلمة الصدفة الغير منتظمة الشكل ذات الخطوط المتدنية ، التي ساعدت علي تشكيل الزخارف الشائعة .

ظهرت ملامح طراز الروكوكو في أواخر القرن السابع عشر ، وتميز بطباعة اللطيف الناعم ذي الزخارف العديدة وحلاوة الشكل ، لذلك نلاحظ أن القيم الدرامية التي ميزت التصوير في عصر الباروك شكلا و مضمونا قد تلاشت في الروكوكو ، وأستبدلت بمثاليات جمالية خاصة تتسم الرؤية فيها بالتركيز علي الأمتاع البصري العابر إلي الحسية والترف الزائد و أدخال السرور على النفوس ، فأخذ المصورون يرسمون صور للحياة الحافلة بالمسرات والمظاهر المتأنقة التي غلبت عليها مواضيع المرأة العاطفية الرقيقة في مشاهد مغمورة بالسعادة والألوان المبهجة.

وقد أنحسر هذا الطراز بقيام الثورة الفرنسية عام "1789م" وحلت محله الكلاسيكية الحديثة كرد فعل لهذه الرقة المفرطة،  امتدت مقوماتها من الفنون الإغريقية الرومانية ، عرفت بأسم الكلاسيكية الجديدة ، وكان يمثل من الروكوكو المرحلة الأخيرة من التصوير ، الذي بدأ بعصر النهضة وهذه المرحلة الأخيرة كان فيها مازال مسيطرا علي نحو مطلق .

 ومن أشهر فنانين طراز الروكوكو المصور "أنطوان واتو" و "فراتوابوشيه" و "هوازيه مزاجونارد" .